الوهم




يحكى أن ❤




فتاة صغيرة بلغت لتوها الخامسة من عمرها ، سكنت في إحدى بيوت الطين التي انتثرت في تلك القفار الملتهبة ، خرج من ذلك البيت امرأة طاعنة في العمر تستند على عكازها ، تحاول ابقاء خمارها على وجهها من شدة الرياح التي أخذت معها تلك الرمال الصفراء ، ذلك العجاج الذي كاد يدفن معالم الحياة ، وقد استمر لأكثر من خمس ساعات متواصلة .
العجوز بنبره مستاءه مخاطبةً الفتاة الممسكة بطرف ثوبها :

” هذا شؤمٌ آخر يحل علينا بعد أن دار عام آخر على ولادتك ، سنهلك لا محالة إن عشتي عامًا آخر ! "

فركت تلك الفتاة الصغيرة عينيها بعد أن تضايقت من تلك الرمال المتطايرة ، و همت بالدخول لذلك البيت المتهالك و الاختباء تحت فراء أبيض كانت تتغطى به دومًا .
نظرت تلك العجوز بحنق ، و أقفلت الباب بقوة أفزعت تلك الصغيرة .



استمر ذلك العجاج حتى اقتراب موعد منتصف الليل ، حيث بدأت الريح تهدأ ، وكانت تلك إشارة لبداية إجتماع أهالي تلك القرية المتهالكة .

و في أحد تلك البيوت التي اهترأت جدرانها ، سطع ضوء ينير عتمه الليل الموحشة ، بدأت الأصوات تتعالى والغضب يتأجج .
أحد أهالي القرية في غضب شديد :

” لقد فقدت أحد أبنائي الليلة ! منذ إحضار تلك المشؤومة للقرية بدأ الشؤم يصيبنا عامًا تلو الآخر “


تلاه صراخ آخر لامرأة حبلى :
” ألم تنالِ حصتكِ بعد أن نحر إبنكِ الذي أحضرها ؟!
ما الذي تنتظرينه بعد ؟! “


نظر أهل القرية للعجوز الجالسة بامتعاض وسخط ، منتظرين إجابتها ، همت العجوز بالوقوف ثم استدارت ناحية الباب وقالت :

” أ ترغبون أن أقتلها ؟ أم أنفيها ؟ "

صرخ اثنان مؤيدين لقتلها وقال آخر :

” هذا هو الحل لكل مصائبنا ! "

خرجت العجوز متجهة لبيتها المتهالك ، دخلت وأوصدت الباب خلفها ، ثم اتجهت إلى رفٍ كان معلقًا أعلى الموقد ومدت يدها لتتناول سكينة ملفوفة بقماشة حمراء ، ثم دخلت لحجرة الفتاة المغطاة بفراء أبيض وهي تُحدث نفسها بجنون :

” تتذكرين هذه السكينة ؟ وهذا الرداء ؟

ستموتين الليلة كما مات والدك !

سينتهي هذا الشؤم !

سنعيش بلا بؤس ! "


همت العجوز بإمساك السكينه بكلتا يديها ورفعهما لأعلى لتسديد طعنة قاتلة لجسد الفتاة الصغيرة المختبأة تحت الفراء ، خلفتها عدة طعنات ملأت ذلك الفراء الأبيض بالدماء .

أخذت تضحك بجنون معلنةً انتهاء ذلك الشؤم الذي دام لخمسة أعوام ، أزاحت العجوز ذلك الفراء ،وصعقت بعد أن وجدت ابنها الذي قتل العام الماضي  ، وماهي إلا لحظات حتى سمعت مواءً للقطط خارج البيت ،  هرعت للخارج وهي تصرخ من الهلع ، ثم نظرت فإذا بعدد هائل من القطط مجتمعة حول منزلها ، تتوسطهم تلك الحبلى بابتسامه ملأها الخبث :
" لقد صبرنا لخمس أعوام لنظفر بهذه اللحظة "




صرخت تلك العجوز من قهرها قائلة :
" من أنتم !؟ "




أخذ مواء تلك القطط يتعالى حتى خرجت الدماء من أذنيها ، أُغشي على تلك العجوز على الفور .

وفي صباح اليوم التالي ، نهضت من فورها وهي تصرخ بإسم ابنها ، واتجهت حبوًا إلى حجرته ، لتجد إحدى خرافها مقتولاً بعد طعنه لعدة مرات .

أمسكت العجوز رأسها وأخذت بالتفكير بما حدث ليلة البارحة ، نهضت وأخذت تنادي تلك الطفلة المشؤومة بغضب :




" تيماااااااء ! "



تلاها صوت خطوات لامست الارض بسرعة ، لترد بصوت رقيق لطفلة بالخامسة :
" نعم يا جدتي ! "




نظرت العجوز المنزعجة لذلك الخروف الميت على فراش تيماء قائلة :
" لما ينام ذلك الخروف على فراشك ! "

ابتسمت تيماء لجدتها ؛
" لمرة واحده أردت قضاء الوقت بعيدة عن هنا ، فوضعته في مكاني كي لا تغضبي "


نظرت العجوز بقلق ، ثم اتبعت قائلة :
"ألم تكوني في القرية ليلة البارحة !؟ "

تيماء بابتسامة :
"لقد كنت ألهو في الواحة يا جدتي "

أمسكت الجدة تيماء وأخذتها لحضنها وهي تبكي :
"ومتى عدتي يا صغيرتي ؟! "

تيماء وهي تعانق جدتها :
"قبل أن يظفروا بك يا جدة "




يتبع ...

تعليقات

  1. حبيت مره حبيت 🤍
    متحمسة للتكملة

    ردحذف
  2. فيني فضول أعرف سالفة القطاوة..
    ومتشوقة أعرف شخصية تيماء مع الفصول الجاية و علاقتها مع جدتها..

    ردحذف
  3. حماااااسسسس نبي التكملهههههه

    ردحذف

إرسال تعليق